إستثمار قطر للغاز في تركيا بالحصار السعودي

لعبت الطاقة دائماً دوراً سياسياً حاسماً. الغاز الطبيعي جزء من هذا القطاع المهم . مع التحول من الفحم إلى الغاز ، قفز الطلب على الغاز الطبيعي بنسبة 4.6 في المائة في عام 2018، وهو مايمثل نصف نمو الطلب الإجمالي تقريباً، وفقاً لتقرير نشرته وكالة الطاقة الدولية (IEA).

ونتيجة لذلك ، تقوم قطر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم ، بتوسيع منشأتها.

في عام 1971، عندما أكتشف المهندسون القطريون الغاز الطبيعي قبالة الساحل الشمالي الشرقي للبلاد، لم يعرف أحد مدى أهمية هذا الإكتشاف. فقط بعد حفر 15 بئر تقييمية على مدى 14 عاماً تم إنشاء حقل الشمال القطري. يحتوي هذا الحقل على إحتياطيات قابلة للإسترداد تزيد عن 900 تريليون قدم مكعبة قياسية (TSCF)،أو ما يقرب من عشرة في المائة من أحتياطيات العالم المعروفة، ممايجعله أكبر حقل غاز طبيعي غير مرتبط في العالم.

على الرغم من تزايد أهمية منطقة أسيا و المحيط الهادئ كمنطقة مصدرة للغاز الطبيعي المسال في السنوات الأخيرة، إلا أن قطر لا تزال أكبر سوق لتصدير الغاز الطبيعي المسال بهامش كبير.

قال سعد شريدة الكعبي، وزير الدولة لشؤون الطاقة ورئيس قطر للبترول، خلال جلسة في منتدى الدوحة 2019 أعلنت قطر في نوفمبر 2019 أنها تهدف إلى رفع إنتاج الغاز الطبيعي المسال من خلال 64 في المائة إلى 126 مليون طن سنوياً بحلول عام 2027، ممايضع شركات النفط الكبرى في سباق للحصول على حصة في خطط التوسع في دول الخليج تحت الضغط لتقديم أفضل عرض.

بدأت تركيا في الظهور كسوق تنافسية للغاز الطبيعي المسال مع قدرة إعادة إستخدام غير مستغلة لموردي الغاز الطبيعي المسال الحاليين و المحتملين . إن ارتفاع سعر الغاز الطبيعي المسال في السوق التركية يشجع البلدان ، مثل قطر ، على دخول السوق بمنظور طويل الأمد.

زادت إستثمارات قطر للغاز الطبيعي المسال بعد الحصار الذي تقوده السعودية على الدولة الخليجية الصغيرة. إستقبلت تركيا أكبر شحنة غاز طبيعي مسال من أكبر شركة للغاز الطبيعي المسال في العالم، قطر غاز. يشير تقرير نشره الإتحاد الدولي للغاز (IGU) إلى أنه نتيجة لإستثمارات الغاز الطبيعي المسال هذه، أصبحت تركيا ثاني مستورد للغاز الطبيعي المسال في أوروبا.

وفقاً للسفير التركي السابق في قطر، ميثات ريند: لايوجد نجاح يفلت من الأخطاء على  الإطلاق : السياسة الخارجية المفرطة لقطر ورغبتها الواضحة في لعب دور في جميع القضايا في كل مكان قد تم الحكم عليها من قبل قادة بعض البلدان على أنها محاولات للقيام بأشياء غير متناسب مع حجمها. وقال في منتدى TRT World Forum 2019 إن الحصار المفروض الأن على قطر قد يؤثر سلباً على صادراتها من الغاز الطبيعي المسال على المدى المتوسط و الطويل.

مع أقتصاد ينمو بسرعة ويبلغ عدد سكانه أكثر من 80 مليون شخص، كانت تركيا واحدة من أسرع مستهلكي الطاقة نمواً في العالم. تعد تركيا أيضاً وجهة مهمة لعبور النفط والغاز، وهي حاسمة لإعتمادها على الإستيراد وكذلك لأمن الطاقة الإقليمي.

المستقبل من وجهة نظر تركيا بشأن إستثمارات الغاز الطبيعي المسال واضح، وتنوع إمدادات الغاز الطبيعي ، والجمع بين غاز خط الأنابيب التقليدي و الغاز الطبيعي المسال. بالإضافة إلى ذلك، تواصل تركيا الإستثمارات في تكنولوجيا الغاز الطبيعي المسال حيث أن المحطات و المرافق التي تم إنشاؤها حديثاً مهمة جداً لتركيا من حيث الحصول على الإكتفاء الذاتي من الطاقة. في عام 2019، بدأ تشغيل سفينة عائمة جديدة للغاز الطبيعي المسال بسعة تخزين 170 ألف متر مكعب من الغاز. تم إستبدال الوحدة الجديدة بوحدة إعادة التحويل (FSRU) التي تم إفتتاحها في عام 2016. كما تقوم بضغط 28 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى النظام بشكل يومي. قامت هذه المنشأة بتخزين الغاز الطبيعي المسال الذي تشتريه شركة أنابيب النفط (BOTAŞ) من دول مختلفة، بما في ذلك قطر. من ناحية أخرى، لدى تركيا أيضاً وحدة تخزين عائمة أخرى لإعادة التحويل(FSRUs)،تقع في هاتاي.

على الرغم من مناخ الأعمال و الإستثمار المعاكس ، لم تدمر أزمة الخليج مبادرات قطر للغاز الطبيعي المسال. لذلك ، سيتعين على قطر الضغط للتفاوض على عقود جديدة طويلة الأجل لمبيعات الغاز الطبيعي المسال إلى الشرق الأوسط وأوروبا لفترة مابعد عام 2021.

نظراً لأن تركيا تستورد حوالي مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً من قطر، فقد أصبح تعزيز البنية التحتية للغاز الطبيعي المسال وزيادة حجم واردات الغاز الطبيعي المسال بين قطر و تركيا سياسة طاقة ذات أولوية لكلا البلدين في العقد الماضي . بعد عامين ونصف، من الواضح أن الحصار الذي تقوده السعودية على قطر قد فشل في منع أو التأثير على التعاون الإستراتيجي في مجال الطاقة بين الدوحة و أنقرة.

المصدر : MIDDLE EAST MONITOR